هل تعرف سعيد لوتاه؟

تحدث موقع سعيد لوتاه وصفحة ويكيبيديا العربية بشكل واف عن هذا الرجل، لكن لعلي أذكر إضافات قليلة منها أنه من روّاد التنمية في العالم الإسلامي ومن أوائل من أعطوا نماذج تطبيقيّة خاصة في اﻻقتصاد الإسلاميّ والتّعليم النّموذجيّ, في زمن كان فيه الكثير من النّاس يعتبرهما نظريّة غير قابلة للتّطبيق.

سعيد لوتاه: التّاجر واﻻقتصاديّ اللّامع

يبدو من سيرته أنّه كان راشدا وشجاعا وجدّيّا منذ حداثة سنّه, وأنّ والده كان سببا في ذلك: لقد عمل سعيد مساعدا لوالده في تجارة اللّؤلؤ في الثانية عشرة, وحجّ البيت مع والده أيضا على ظهور الجمال, ثمّ عاد إلى الكويت في سفينة شراعيّة وهو في السّادسة عشرة, وتزوّج منذ تلك السّنّ. ورشّح قائدا وتاجرا في البحر وهو في التّاسعة عشرة.

عمل مقاولا ومهندسا وأسّس أوّل شركة معماريّة في دبي “س.س.لوتاه للمقاولات”, ولعلّ لها أثرا في نهضة دبي العمرانيّة. وهو مؤسّس أوّل مصرف إسلاميّ (بنك دبي الإسلاميّ), باقتراح من رجل يدعى عيسى حسبما أذكر, ولعلّه كان بذلك الرّائد اﻷوّل للنّظام المصرفيّ الإسلاميّ في العالم, كما أسّس أوّل شركة “للتّأمين الإسلاميّ” عام 1979 (وإن كنت أتساءل عن مطابقتها ﻷحكام الشّريعة فالتّأمين الّذي أعرفه من أخبث المعاملات). وفي التّسعينات أسّس عدّة مصانع في اﻷسلاك والتّعليب والنّجارة والحدادة والكهرباء وإصلاح السّيّارات… وقدّرت ثروته عام 2013 ب157 مليون دولار وهو لا يعتبر مبلغا عظيما بالقياس إلى إنجازاته, ربّما ﻷنّ المال لم يكن اﻻهتمام اﻷوّل لهذا الرّجل. لكن سترون في آخر المقال أنّ هذا الرّجل قد وفّقه الله إلى ما يمكن اعتباره أفضل مجال للاستثمار!

سعيد لوتاه والتّعليم

لقد أسّس سعيد لوتاه مدرسة إسلامية رائدة في العالم العربي والإسلامي  – لعلّها اﻷولى من نوعها – باسم المدرسة الإسلامية للتربية والتعليم بمراحلها الثلاث: المرحلة التأسيسية (لعمر 5-9 سنوات)، والمرحلة التوجيهية (لعمر 9-12 سنة)، والمرحلة التخصصية (لعمر 12-15 سنة) وذلك عام 1983م، لتخرج الطلاب (بنين وبنات) في سن التكليف (أي عمر 15 سنة) ودخولهم إلى ميدان العمل بتخصصات مختلفة بدراية ومهارة وخُلق، مع تشجيعهم على مواصلة الدراسات العليا.

كما أسّس أول كلية طبية للبنات في الإمارات ودول الخليج العربي باسم كلية دبي الطبية للبنات, وأول كلّيّة للصّيدلة, وأوّل  مركز للبحوث البيئية في دبي, كما أسّس  مركز دبي الطبي التخصصي ومختبرات الأبحاث الطبية, وأسس “المعهد التقني” لتخريج المهنيين في مختلف مجالات الصناعة والكهرباء والنجارة والفايبرجلاس، والسيارات، وتدريب طلاب المدرسة الإسلامية فيها، وطرح شعاراً تشجيعياً في التوجه الصناعي واحترام المهن والعمل اليدوي: “تعلم مهنة واملك ورشة”

 العمل اﻻجتماعيّ

شارك سعيد لوتاه لعدّة سنين في مجالس بلديّة دبي “مرشداً، ومفكراً، وناصحاً أميناً، ومهندساً عاملاً في عمران بلده.” أصبح رئيساً ومؤسساً لمجلس الاعمار لتعمير بلده، وتحريك سوقه بالحركة والنشاط والبناء والعمران لأكثر من عشرين سنة.

وأسس منطقة بورسعيد، مخلداً انتصارات حرب بورسعيد 1956، ومنطقة بدر مخلداً ذكرى غزوة بدر الكبرى في 17 رمضان سنة 2 هجرية، ومدينة لوتاه حباً وتخليداً لاسم أسرته ولقب عشيرته، ومبتكراً وزارعاً شوارعها المتجهة نحو القبلة بالنخيل عام 1978م.

وأسس أول جمعية تعاونية استهلاكية في منطقة الإمارات ودول الخليج باسم جمعية دبي التعاونية لتوفير اللحوم الإسلامية، وذلك عام 1972م وهي مستمرة حتى الآن.

وأسس “مؤسسة تربية الأيتام” عام 1982م، وتولى تربيتهم ورعايتهم ومسؤوليتهم من عمر (5 سنوات) وإلى تخرجهم في سن التكليف (أي في عمر خمس عشرة سنة)، وتشغيلهم بعد ذلك في مؤسساته وشركاته ثم تزويجهم، ليعيشوا معززين مكرمين، لكن لاحظوا أنه بذلك يستثمر طاقاتهم, ولعلّ أفضل مجال للاستثمار هو اﻻستثمار في الثّروة البشريّة.